لا يكاد يذكر المشهد الأدبي عندنا، من الثلاثيات المنجزة، في تاريخ الأدب الجزائري، سوى ثلاثية محمد ديب، بينما يغفل تماما، الإشارة للرواية السّيرية، التي أنجزها باللغة الفرنسية، ابن مدينة البيّض، الكاتب قادة بوطارن (1907-1996) في ثلاثة أجزاء، وهي : «قدّور، طفل جزائري، شاهد على بدايات القرن»، عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع (1982). «قدّور، شاب جزائري، عشية حلول مئوية الاحتلال الاستعماري»، عن المؤسسة الوطنية للكتاب (1986)، وأخيرًا، «قدّور، من بريزينة الى قصر بوربون، مسار مناضل» عن المؤسسة الوطنية للكتاب (1990).
وُلد الكاتب قادة بوطران، بمدينة البيّض، في الجنوب الغربي الجزائري، سنة 1907، توفيّ والده، ولم يتجاوز السابعة من عمره. تابع دراسته الابتدائية في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى مدينة معسكر، لمواصلة دراسته، ونظرا لعدم قدرته على استكمال تعليمه، لأسباب مادية، رغم تفوّقه في الدراسة، ورغبة منه في مساعده أسرته الفقيرة، انتقل لإجراء تربص تكويني، من خلال تسجيله في مدرسة تكوين المعلمين ببوزريعة، أين حصل على شهادة التدريس كمعلم الطور الابتدائي سنة 1927. ليعود بعدها، إلى مسقط رأسه بالبيّض، أين زاول مهنته كمعلم.

بعد الاستقلال مباشرة، وبالتحديد في أوت 1962، عُيّن بصفته واليًّا على رأس ولاية الأصنام (الشلف حاليا)، ثم ولاية عنابة بعد ذلك، وذلك قبل أن يلتحق كإطار سام، بوزارة الداخلية، في عهد وزير الداخلية آنذاك، المرحوم أحمد مدغري، إلى غاية سنة 1969، وهي السنة التي أحيل فيها على التقاعد، ليتفرّغ لهوايته الأساسية، وهي الكتابة، التي كان يمارسها، رغم مسؤولياته والتزاماته، من خلال المقالات التي كان ينشرها، باسم مستعار، في جريدة المجاهد.
كما أصدر إلى جانب ثلاثيته المشار إليها سلفًا، رواية أخرى، تقع في 255 صفحة، وتحمل عنوان : «دلالة وسي عزوز: أرملة وشقيق الباشاغا» عن المؤسسة الوطنية للكتاب سنة 1986.


توفيّ قادة بوطارن، في الجزائر العاصمة، بتاريخ 01 أكتوبر 1996، ومع الأسف، رغم أنه كان إطارًا ساميًا في الدولة الجزائرية، بُعيد الاستقلال، ومناضلاً من الرعيل الأول في صفوف الحركة الوطنية، وكاتبًا ألّف العديد من الأعمال الأدبية المرموقة، إلاّ أنه لم يحظ بتكريم يليق بمقامه، أو تسميّة لمؤسسة من المؤسسات الثقافية أو التربويّة، بما في ذلك مدينة البيّض مسقط رأسه .