-->
ولاية البيض - كل ما هو جميل عن ولاية البيض - ولاية البيض - كل ما هو جميل عن ولاية البيض -
random

آخر المواضيع

random
random
جاري التحميل ...

الاستشراق الفرنسي وتعدد مهامه خاصة في الجزائر


هل المستشرقون الفرنسيون موضوعيون في مواقفهم، ملتزمون بالمنهج والروح العلمية في دراساتهم، أم أنهم موجهون ويخدمون قضية وفكرة مسبقة
بهذا التساؤل المحوري بدأ الأستاذ الطيب بن إبراهيم –وهو باحث جامعي- كتابه "الاستشراق الفرنسي وتعدد مهامه خاصة في الجزائر" الذي تناول فيه قضية قديمة جديدة في الوقت نفسه.. قديمة لأن الاستشراق بدأ منذ قرون عدة، وحديثة لأن آثاره ومهامه لا تزال بادية للعيان، ويأتي على رأسها التنصير والاستعمار والغزو الثقافي.وقد خص الكاتب حديثه بنوع واحد من الاستشراق هو الاستشراق الفرنسي بسبب كونه أخطر أنواع الاستشراق بالنظر إلى خطورة مخططاته وآثاره، فضلا عن الجذور الفرنسية –تاريخا وثقافة وانطلاقا- للاستشراق عموما.

- العنوان: الاستشراق الفرنسي وتعدد مهامه خاصة في الجزائر
- المؤلف: الطيب بن إبراهيم
- عدد الصفحات: 192

- الطبعة: الأولى 2004- دار النشر: دار المنابع للنشر والتوزيع، الجزائر
الشرق والاستشراق
الاستشراق في نظر الكاتب لا يعتبر تاريخا أو جغرافيا فقط، ولا إنسانا أو ثقافة فحسب، وإنما هو مجموع ذلك كله، فهو مكان وزمان وإنسان وثقافة. والحديث عن الاستشراق مرتبط ارتباطا عضويا وتكامليا مع هذه العناصر الأربعة الأساسية، إذ لا بد له من مسافة زمنية ومساحة مكانية ونوع إنساني وإنتاج ثقافي وفكري.
أما الشرق الذي اهتم الغرب بدراسته والتخصص في ثقافته وتراثه، فليس هو الشرق الجغرافي الطبيعي، وإنما هو "الشرق الهوية" وهو محور ما استهدفه علم الاستشراق ومصدر العناية والاهتمام، فهدف الاستشراق هو معرفة "الشرق الهوية والتاريخ" المتمثل في الإسلام والمسلمين تحديدا.
ثم إن الاستشراق يحمل في طياته بوادر الغزو والصراع والحرب، ففرنسا التاريخية التي أوقف قائدها شارل مارتل جيوش المسلمين في "بواتيه"، وفرنسا إمبراطورية شارلمان وحامية الكنيسة الكاثوليكية ومتزعمة الحروب الصليبية.. لا يخلو استشراقها من نزعة الصراع الديني والشعور الفرنسي بالعلاقة التصادمية التاريخية بين الشرق والغرب عامة وبين فرنسا والمسلمين خاصة (منذ أيام شارل مارتل وحفيده شارلمان إلى أيام الإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية).
كما كان هذا الاستشراق يمثل الخلفية التاريخية والقاعدة الثقافية في الذاكرة الجماعية الفرنسية، وعليها بني الاستشراق الفرنسي ومنها انطلق، فكان يحمل روح الصراع الديني والعسكري والعدائية التاريخية والزعامة الصليبية.

كان هذا حال مضمون الاستشراق الفرنسي في بدايته، وكانت خدمة الثقافة والقيم الفرنسية هي حال مراحله المتأخرة.

"ليست مهمتنا هي تنصير المسلمين فهذا شرف ليسوا جديرين به، ولكن مهمتنا هي صرف المسلمين عن التمسك بالإسلام، وفي ذلك نجحنا نجاحا باهرا بفضل مدارسنا التنصيرية"المستشرق زويمر
الاستشراق والتنصير
الخلفية التاريخية الدينية التي تبدأ لحظة مقتل التابعي الجليل عبد الرحمن الغافقي في معركة بلاط الشهداء وانتصار شارل مارتل الذي جعلت منه الأحداث بطلا أسطوريا تغنى به الفرنسيون والأوروبيون على السواء، ثم التحالف البابوي والمهمة الإلهية التي آمن وعمل بها ملوك فرنسا في قيادتهم وإشرافهم المباشر على أهم الحملات والحروب الصليبية.. كل ذلك يبين مدى عمق النزعة الصليبية المتجذرة في الموروث الثقافي الفرنسي والذاكرة الجماعية الفرنسية، فكيف بمستشرقيها؟!

ولعل هذه الزعامة الصليبية انتقلت مع بداية القرن الحادي والعشرين إلى الولايات المتحدة بعدما صرح الرئيس الأميركي جورج بوش يوم 16 سبتمبر/أيلول 2001 بأنه سيشن "حربا صليبية".

ثم إن الهدف الرئيسي من جهود المستشرقين -حسب المستشرق رودي بارت- سواء في المراحل الأولى للاستشراق أو في المراحل التالية هو التنصير.

والكاتب هنا استخدم مصطلح "التبشير" وهو مصطلح فيه انحياز ومغالطة كبيران لما يضفيه من معاني البشارة والخيرية، في حين أنه دعوة صريحة إلى النصرانية بما يجعل مصطلح التنصير أدق منه وأكثر موضوعية. ولعله هنا التزم بما اصطلحوا عليه هم من وجهة نظرهم.

كان ظهور التنصير مبكرا ومصاحبا للحروب الصليبية ومؤثرا فيها ومتأثرا بها، فأصبح المنصرون روادا للاستشراق. وبعد الحروب الصليبية وفشلها، جاء مجمع فيينا الكنسي الذي كرس رسميا سياسة التنصير بوسيلة الاستشراق.

ويقرر الكاتب أن هدف الاستشراق أساسا هو إبعاد المسلمين عن هويتهم، مستدلا على ذلك بما حدث في مؤتمر القاهرة التنصيري المنعقد عام 1906 عندما اشتكى المنصرون من نتائج أعمالهم وما حققوه، فأجابهم المنصر والمستشرق الكبير زويمر على ذلك بمقولته الشهيرة "ليست مهمتنا هي تنصير المسلمين فهذا شرف ليسوا جديرين به، ولكن مهمتنا هي صرف المسلمين عن التمسك بالإسلام، وفي ذلك نجحنا نجاحا باهرا بفضل مدارسنا التنصيرية".

وزويمر نفسه له مقولة شهيرة أخرى قالها بعد ذلك بـ30 عاما في مؤتمر المنصرين بالقدس "إنكم أعددتم نشئا لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم عن الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقا لما أراده الاستعمار المسيحي، لا يهتم بالعظائم ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات، فإذا تعلم فللشهوات وإذا جمع المال فللشهوات، وإن تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات يجود بكل شيء. إن مهمتكم تمت على أكمل وجه، وانتهيتم إلى خير النتائج، وباركتكم المسيحية ورضي عنكم الاستعمار".

"الاستشراق هو الجناح الفكري للتوسع السياسي، وغياب أحدهما عن الآخر هو بداية تصدع في جدارهما، وهو ضعف لهما ومؤشر لبداية زوالهما"جاك بيرك
الاستشراق والاستعمار
خصص الكاتب فصلا كاملا من فصول الكتاب الأربعة لتأكيد علاقة الاستشراق بالاستعمار، وذكر أن فرنسا في استعمارها كانت تراهن على مستشرقيها ودورهم بقدر ما كانت تراهن على جيوشها.


ففي الحملة على مصر كان لواء العلماء والمفكرين والمترجمين والمستشرقين أحد ألوية نابليون، وكان من أشهر من صاحبه فيها كبير مستشرقي عصره وهو سلفستر دوساسي الذي كان صاحب بيان نابليون عام 1806، كما كان صاحب بيان الجيش الفرنسي المعرب الذي وجه للشعب الجزائري أثناء حملة احتلاله عام 1830.

والاستشراق والاستعمار الفرنسيان تحديدا تتمثل وحدتهما في أنهما وليدا سياسة فرنسية واحدة كما قال المستشرق الفرنسي المعاصر جاك بارك (1910– 1995)، "فالاستشراق هو الجناح الفكري للتوسع السياسي، وغياب أحدهما عن الآخر هو بداية تصدع في جدارهما، وهو ضعف لهما ومؤشر لبداية زوالهما".


عرض/سكينة بوشلوح


عن الكاتب

المشرف

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

ولاية البيض - كل ما هو جميل عن ولاية البيض -