"جيري فيل" مقاومة وجهاد عشيري عبد السلام
تعتبر ولاية البيض من المناطق المعروفة بتاريخها الثوري ومواقف رجالها خلال الحقبة الإستعمارية ومن المقاومات الشعبية إلى معارك الثورة التحريرية المظفرة سجلت "جيري فيل" أو البيض بدماء شهدائها صفحة من صفحات الجزائر المجاهدة. إنتقلت "الجمهورية" إلى المنطقة وتواصلت مع العديد من أعيانها وحرصا على الأمانة التاريخية وعدم السقوط في نقل وسرد حكايات منقولة عن وقائع المعارك والإشتباكات فضلنا التوجه إلى مديرية المجاهدين بصفتها الهيئة الرسمية وزوّدنا مديرها الولائي الأستاذ محمد أرزقي صالحي مشكورا بالعديد من الوثائق التي تحمل شهادات مكتوبة لمجاهدين معروفين حول الأحداث التي شهدتها منطقة البيض، كما قمنا بزيارة متحف المجاهد والعديد من الأماكن التي عرفت معارك كثيرة إبان الحرب التحريرية.
الزائر لولاية البيض يقف مشدودا ومندهشا لجمال المنطقة ولتنوع تضاريسها ولإحتوا ء مختلف مدنها وقراها على معالم أثرية وتاريخية تؤكد قدم نشأتها وعراقة سكانها. البيض منطقة تضرب بجذورها التاريخية في عمق الزمن إذ يعود تاريخ تعميرها إلى عصور ما قبل التاريخ كما تدل على ذلك الشواهد الأثرية من رسومات ونقوش حجرية منتشرة في الكثير من جهاتها والتي تمثل بصمات الإنسان الأول الذي عمّر بالمنطقة منذ آلاف السنين وتعد فترة ما قبل التاريخ الأكثر وضوحا وتميزا من خلال الرسومات الحجرية الموجودة كالحصان وكبش بوعلام والحفريات والمقابر التي تزخر بها الجهة تعطي دلالة تاريخية للمنطقة وفي نفس الوقت متحف طبيعي يعرض شواهد أثرية وتاريخية.
وبالنسبة للعهد الإسلامي فإن قبيلة "بني هلال" العربية عمرت بالمنطقة سنة 1050م ، أما المرحلة الإستعمارية فلقد شهدت محطات كبيرة وأحداثا مثيرة لسكان رفضوا الدخيل الأجنبي وامتنعوا عن التعايش معه فكانت الثورات الشعبية والمقاومات الأهلية إلى غاية انطلاق الثورة التحريرية والمساهمة فيها بشكل لافت للإنتباه، وفي سنة 1845 قدم الكولونيل جيري على رأس القوات الفرنسية من ضواحي تيارت لقطع الطريق على الأمير عبد القادر ومنعه من التوغل في الصحراء وبعد سبع سنوات تم إنشاء أول مركز عسكري بالبيض وأطلق على المدينة إسم "جيري فيل" نسبة لمكتشفها الكولونيل الفرنسي "جيري" كما تم إنشاء أول ثكنة ومستشفى عسكري بها في نفس السنة ، وقد أخضعت منطقة البيض في إدارتها إلى الحكم العسكري حيث تأسست بها دائرة عسكرية في 18 أوت 1855 تولى إدارتها حاكم عسكري بمساعدة بعض أعضاء "بيرو العرب" من المتعاطفين مع فرنساوالمخلصين لها وبرتب متفاوتة كالبشاغا والآغا والقائد. وفي سنة 1920 أصبحت ملحقة تابعة للقطاع العسكري بعين الصفراء وفي سنة 1957 تحولت إلى دائرة مدنية تابعة لوهران وبعد سنتين تم ضمّها إلى سعيدة. وبعد الإستقلال وفي سنة 1984 أصبحت البيض ولاية رقم 32 وفقا للتقسيم الإداري الجديد الذي أقرّه قانون 84/09 المؤرخ في 4 فيفري 1984.
* مقاومة أولاد سيدي الشيخ
عمدت فرنسا خلال توسعها نحو الجنوب الجزائري على تدمير كل ما يرمز إلى حرية الجزائر ويعارض سلطتها وقاد الجنرال كافينياك إبتداء من سنة 1846 في منطقة القصور عمليات إجرامية فضاق العيش بقبائل المنطقة بعد أن سلبت ممتلكاتهم ونهبت أموالهم وطعنوا في معتقداتهم فقاموا بالإتصال بسي حمزة وهو من عائلة سيدي الشيخ وشكوا له أمرهم كونه خليفة على الجنوب الوهراني له نفوذ ديني وسياسي قوي وتلاه بعد ذلك إبنه سي سليمان الذي يعد أول من اندلعت في عهده ثورة أولاد سيدي الشيخ بعد إرساله بمبعوثيه إلى القبائل والأعراش يحثهم على الجهاد وكانت معركة عوينة بوبكر شرق بلدية استيتن في 8 أفريل 1864 أول حركة جهادية يقوم بها أولاد سيدي الشيخ وأغواط كسال والشعابنة ضد الإستعمار الفرنسي وتم القضاء على العقيد "بوبراتر" والنقيب "إستنار" وغدر أحد المجروحين الفرنسيين بسي سليمان وقتله وخلفه بعد ذلك أخوه محمد بن حمزة الذي قاد بدوره معركة قارة سيدي الشيخ في 4 فيفري 1865 واستشهد فيها وبعدها جاءت معركة حاسي بن حطاب ومعركة عين ماضي وتسمى أم الدبداب أوائل سنة 1869 حيث سخر العدو لهذه المعركة أسلحة متطورة استخدمت لأول مرة في بلادنا ومجهزين بقطع بندقية "شاس بوت" ومني سي لعلى بالهزيمة لينسحب مجبرا نحو المنيعة بينما قام سي قدور بن حمزة بإعادة ترتيب مجموعته بالأراضي المغربية وخاض معارك حربية على حدودها أهمها معركة ماقورة في 17 أفريل 1871 قرب مدينة سبدو بتلمسان قتل خلالها الضابطان الفرنسيان "مارساي" و"فرانسوا" ثم خاض معركة المنقوب "حمادة الهكة" ببلدية البنود في 23 ديسمبر من نفس السنة حيث جرح فيها سي قدور بن حمزة بعد أسر الكثير من جنوده وبقي مرابطا بها حتى اندلاع ثورة الشيخ بوعمامة وإسمه الحقيقي محمد بن العربي من أحفاد سيدي ابراهيم بن تاج بن سيدي الشيخ سنة 1881 وفي منتصف شهر أفريل وفي المكان المسمى لرحاب يقع شرق الرقاصة بحوالي 13 كلم قام بقتل "وين برينر" نائب المكتب العربي لمدينة جيري فيل عندما حاول هذا الأخير إلقاء القبض على الطيب الجرماني ومرزوق السروري ورسولا بوعمامة إلى القبائل ويعد هذا الحادث سبب في مواصلة الإنتفاضة الشعبية فخاض الشيخ بوعمامة عدة معارك منها معركة الصفيصيفة ومعركة "تازينا" التي وقعت في 19 ماي من نفس السنة شرق الشلالة وهي عبارة عن فج واسع بين هضبتين أظهر المجاهدون خلال هذه المعركة قدرة كبيرة على القتال وانتصر بوعمامة على أعدائه مما فتح له الباب بالتوجه نحو الشمال في مسيرة استغرقت 23 يوما رغم الموانع الكبيرة التي وضعتها فرنسا أمام جيش بوعمامة غير أنه قطع أكثر من 730 كلم من الأبيض سيدي الشيخ في 29 / 5 / 1881 مرورا بشمال البيض إلى فرندة ثم جنوب سعيدة والخيثر ثم العودة نحو الجنوب وصولا إلى بوسمغون يوم 21 جوان من نفس السنة مسيرة إقتحم فيها البطل الثائر بوعمامة صفوف الجيش الفرنسي عدة مرات وقام بالإستيلاء على مواشي القبائل الموالية لفرنسا ، كما نجح في تجنيد عدد كبير من القبائل وقام بحرق العديد من المنشآت الإستعمارية خاصة مراكز الحلفاء خلال هذه المسيرة حاولت قبائل أكسال الإلتحاق بثورة بوعمامة لكن السلطات الإستعمارية جندت لها قوة كبيرة بقيادة الرائد بيلان واندلعت بينهما معركة قارة القشوة بالقرب من قرية أستيتن في 16جوان 1881 وشارك فيها الشاعر محمد بلخير ولما فشلت فرنسا في شل حركة بوعمامة وقمعها قامت عن طريق العقيد نڤرييه بالتحرك من البيض باتجاه الأبيض سيدي الشيخ وقام بتدمير الزوايا وضريح سيد الشيخ في 16 أوت بعدها انسحب بوعمامة نحو الجنوب واستقر في الدلدول بمنطقة التوات وخاضت قواته عدة معارك منها معركة شط تيقري في 6 أفريل 1882 وقتل فيها الضابطان الفرنسيان "باربي" و"ماسوني".
واصل بعدها بوعمامة انتفاضته وسجل انتصارات عديدة على الجيوش الفرنسية ، وفي الصيف اعتصم مع ثواره في أعماق الصحراء ودخل حدود المغرب الأقصى حيث توفي فيه سنة 1908 ودفن بعين الملوك جنوب مدينة وجدة المغربية.
* الحركة الوطنية والفكر الثوري
لم يكن الوضع السياسي بمنطقة "جيري فيل" منفصلا عن الوضع العام بالجزائر خاصة بعد مجازر 8 ماي 1945حيث تبلورت الفكرة الثورية لدى الجماهير والتي تبنتها عدة حركات وأحزاب سياسية خاصة حزب الشعب وحزب أحباب البيان وجمعية العلماء المسلمين وقد حظي حزب الشعب بقاعدة شعبية كبيرة لإيمانهم بمبدأ الثورة والجهاد وأصبحت هذه الأحزاب تنشط بالمنطقة إلى غاية إجراء انتخابات سنة 1947 وترشح لحزب الشعب باقي بوعلام ولحزب البيان الخلادي ، أما الإتجاه الموالي لفرنسا فقد ترشح حمزة بن بوبكر وفاز حزب الشعب بالأغلبية الساحقة رغم التدخلات الإستفزازية الإستعمارية. وأعطى هذا الإنتصار دفعا قويا لمواصلة النضال رغم تواجد المنطقة تحت الحكم العسكري، وبدأ العمل المنظم للتحضير للثورة والدخول في المرحلة الحاسمة سنة 1952 بالإتصال السري مع الجهات المعنية بالمنظمة الخاصة وقد اقتصر هذا النشاط على الشهيد مولاي محمد وبعض أقاربه وأصدقائه مثل الحاج محمد حميتو والحاج محمد عتيق (الكردان) ومولاي ابراهيم وهم نواة الخلية السرية الأولى.
*الثورة التحريرية معارك وانتصارات
بعد إنطلاق الثورة التحريرية عبر كامل التراب الوطني كانت منطقة البيض من بين أهم الأماكن التي احتضنتها بصفة تلقائية معتمدة على الإمكانيات الذاتية البشرية والمادية فتظافرت جهود الجميع وتوحدت صفوف مجاهدي المنطقة على كلمة واحدة النصر أو الإستشهاد وكانت البيض في هذه الفترة تعد مع منطقة الأبيض سيدي الشيخ القسم الخامس عشر ومنطقة بشار القسم الثالث عشر وظل هذا التنظيم ساري المفعول إلى أن جاءت قرارات مؤتمر الصومام سنة 1956 حيث طرأ على القطاع الوهراني تقسيم حربي جديد وأصبح يحمل الولاية الخامسة وتم استحداث المنطقة الثالثة وهي البيض وتظم النواحي التالية، الناحية الأولى بوسمغون والشلالة والناحية الثانية بها الأبيض سيدي الشيخ، عين العراك، الغاسول وبريزينة والناحية الرابعة توسمولين، بوقطب، الكاف لحمر، الرقاصة، إستيتن، بوعلام والشقيق،أما الناحية الرابعة بها آفلو التي استحدثت في خريف 1958 وبعد سنة 1960 إلتحقت كل من المشرية وعين الصفراء بالمنطقة الثالثة. ومن أهم المعارك التي وقعت بتلك المنطقة، معركة الشوابير في أكتوبر من سنة 1956 وتعد من المعارك الكبرى التي خاضها جيش التحرير الوطني على مستوى الغرب الجزائري بعد إندلاع ثورة التحرير وأول هزيمة كبرى تتكبدها القوات الفرنسية بالمنطقة على أيادي ثوار لا يملكون من القوة سوى زاد الإيمان بالله وبعدالة قضيتهم، شارك في هذه المعركة أربع كتائب لجيش التحرير من منطقة البيض بقيادة مولاي عبد الله وهي كتيبة لعماري محمد المدعو المقراني وكتيبة مولاي إبراهيم المدعو عبد الوهاب وكتيبة أحمد الزرزي وكتيبة يوسفي بوشريط المدعو سي لحسن بقيادة النور البشير. وحسب شهادة الرائد مولاي إبراهيم المدعو عبد الوهاب الذي انخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري سنة 1947 وكان عمره آنذاك 20 سنة وانضم إلى الثورة التحريرية بعد انطلاقتها وكان قائد للمنطقة الثالثة للولاية الخامسة فإن أسباب المعركة وظروفها تعود إلى بداية شهر أكتوبر حيث عمدت فرنسا على التحضير لعمليات هجومية شاملة في كل من الأغواط، آفلو، والمشرية وعين الصفراء لأن جيش التحرير بدأ في حشد وتنسيق قواته بالمناطق المذكورة في تلك الفترة توجهت الكتائب الأربعة نحو آفلو بغية فك الحصار على منطقة البيض خاصة بعد الكمين الذي قامت به كتيبة مولاي ابراهيم في بريزينة حيث تم القضاء على 20 جنديا من العدو وغنم كم معتبر من الأسلحة كذلك الهجوم على آفلو وإطلاق سراح حوالي 400 معتقل سياسي بسجن المدينة أما عن وقائع المعركة فيضيف الراوي من خلال ما وجدناه مدونا من وثائق لدى مديرية المجاهدين بالبيض تحصلنا على نسخ منها بأنه في 03 أكتوبر 1956 إنفصلت كتيبة لعماري عن البقية لتقع في اشتباك مع العدو قرب تأويله على حدود جبل العمور بالأغواط عند الرابعة مساء تم حرق ثلاث شاحنات وأسر ثلاثة عساكر وقتل العديد من أفراد جيش العدو بينما استشهد واحد وجرح آخر من أعضاء الكتيبة ولما وصل خبر الكمين إلى بقية الكتائب خرجت قافلة متكونة من 16 شاحنة في قافلة تقودها أربع طائرات من نوع (ت6) تمشط الطريق وبعد سماع ذوي الآليات العسكرية تخرج من آفلو أعطيت الأوامر للمجاهدين بأخذ مواقعهم وفي منطقة الشوابير دارت معركة كبيرة كانت حصيلتها ثقيلة على العدو الذي فقد أكثر من 1385 قتيل وأزيد من 500 جريح وتدمير أكثر من 90 شاحنة أما خسائر جيش التحرير فقد بلغت ما يقارب ال 40 شهيدا، منهم 18 شهيدا في كتيبة النور البشير و15 في كتيبة الزرزي و07 في كتيبة مولاي إبراهيم وجرح له بوزيد دحمان وبورقيب حمزة.
وفي معركة بوقرقور التي جرت بعد أقل من شهرين عن الشوابير لقنت قوات جيش التحرير العدو درسا آخر وجاءت هذه العملية في 6 ديسمبر من نفس السنة نتيجة لمراقبة دقيقة ومتواصلة للناحية من قبل الأعداء على إثر وشاية من أحد الخونة الذي دلهم على وجود مركز لجيش التحرير بمنطقة بوقرقور وبأحد جبالها الواقعة ضمن حدود بلدية الغيشه على بعد 20 كلم من آفلو حين كانت كتيبة المجاهدين تنتظر وصول قوافل التموين والإجتماع بالمجاهدين ودراسة الوضع العام بالمنطقة والإستعلام عن أخبار العدو لكن قيام الطائرات الإستعمارية بعمليات إستكشافية جعل المجاهدين يتأكدون من إنكشاف أمرهم وقرر قائد الكتيبة بقاء المجاهدين في مواقعهم على اعتبار أن المنطقة صالحة للمناورة لتوفر موانع طبيعية وأعطى الأوامر لبعض فرق الكتيبة بالإنتشار عبر أطراف الوادي وفي ليلة 07 ديسمبر أمر القائد فتحي بلعسل بنقل الأموال والوثائق و إرسالها إلى مكان آخر آمن ونفذ الأمر المجاهد محمود بن زغمان وعلى بعد 20 كلم شوهدت طوابير من الشاحنات قادمة في إتجاه الغيشة وطلائع من قوات العدو تزحف بشكل مكثف نحو مواقع جيش التحرير وراحت الطائرات تلقي بالمظليين فوق مختلف القمم المجاورة وبعد طلوع الشمس حاصرت قوات العدو المكان وبدأ القتال ثم تدخل الطيران الحربي لقنبلة مواقع المجاهدين بطريقة وحشية مستعملا قنابل النبا لم المحرقة والمحرمة دوليا وكذلك استعمال المدفعية الثقيلة وظل جنود العدو بالمكان لمدة 3 أيام وحسب المعلومات التي وردت فيما بعد من مختلف المصادر فإن خسائر العدد وتمثلت في حوالي 65 عسكريا قتيلا وعددا غير معروف من الجرحى بينما سقط في ساحة الشرف حوالي 44 شهيدا وأصيب 18 مجاهدا بجروح مختلفة وفي نفس الشهر وقعت معارك أخرى بمناطق متفرقة كمعركة لمرير التي جرت أحداثها بين كتائب كل من عبد العالي محمد والنور لعرج وبوتويزغة وبقيادة مولاي ابراهيم وجيش العدو الفرنسي نواحي جبل بونقطة في بلدية أربوات وأسفرت عن إستشهاد البكاي ابراهيم متأثرا بجراحه من الكتيبة الثالثة ومقتل 40 جنديا في صفوف العدو أما في بوسمغون وفي يوم 16 ديسمبر جاءت معلومات للمجاهدين بأن الجيش الفرنسي متواجد بالوادي بغية الإغتسال والتنزه حيث توجهت الكتيبة بعدما انقسمت إلى قسمين بقيادة نور البشير رفقة الشهيد بلحيه المجذوب توجهت إلى بوسمغون والثانية بقيادة أحمد المغرابي واتجهت إلى الشلالة وتكبد العدو خسائر معتبرة في الموتى والجرحى في حين لم يتلق أفراد الكتيبة أي خسائر تذكر.
وفي 10 مارس 1957 وقعت معركة بقصر خلاف شرق برزينة حيث توجهت كتيبة مكونة من 75 مجاهدا نحو القصر بقيادة رحموني سليمان وإنقسمت إلى ثلاثة أفواج واشتبك المجاهدون مع جنود العدد من الصباح إلى غاية المساء وكانت من نتائجها استشهاد كل من رحمان بلعايش ولعرج لعرج وجريحان بينما تم قتل 32 جنديا فرنسيا وتحطيم 3 سيارات عسكرية للعدو كما تعد معركة أكسال في 17 و18 أفريل 1958 من أشهر المعارك في المنطقة في اليوم الأول تقدم القوات الفرنسية بدفع 300 عسكري للقيام بأعمال تخريبية بقرية أستيتن كرد فعل على ما قام به الثوار الذين يعلمون بما ينوي العدو القيام به ويجهزون خطة محكمة لمحاصرة العدو الذي استنجد بالقاعة العسكرية للطائرات بالمشرية، وخسر 75 قتيلا وجرح مجاهد واحد.
وفي اليوم الموالي كما يروي نعيمي، مول القرعة بن هرقال ومولاي تتمركز القوات الفرنسية بالمكان المعروف وعلى الساعة 7 صباحا ينصب ديداني أحمد ورؤساء الفرق 25 رشاشا للمشاةة وينقضون على العدو معركة شرسة جعلت العدو يسير على جثث عساكره وبلغ عدد موتاهم 700 قتيل و800 جريح وسقوط 4 طائرات وانتهت المعركة بإستعمال السلاح الأبيض بعد الإلتحام مع العدو مباشرة وقد استمرت هذه المعركة أكثر من 13 ساعة وتحدثت الإذاعات العالمية عن هذه المعركة وقدرت إذاعة لندن الخسائر بألف قتيل وسقوط 10 طائرات وقدرت خسائر جيش التحرير ب 12 شهيدا و5 جرحى وفي معركة الكتيبة في 27 ماي 1959 وضمن عملية البحث عن الملازم مانقو قامت القوات الفرنسية بعملية تمشيط واسعة قنبلت كل من بلخيار، أستيتن وجبال أكسال فقررت كتيبة المجاهدين إختيار المكان الملائم لملاقاة العدو وكان جبل الكتيفة الإختيار الأفضل وبدأت المعركة في حدود منتصف النهار إلى غاية الساعة، التاسعة ليلا وكانت نتيجتها 160 قتيل في صفوف الفرنسيين بينما إستشهد 6 أفراد من جيش التحرير وجرح إثنان فقط.
*متحف المجاهد ذاكرة أبدية
الحديث عن المعارك والمعالم التاريخية والمقاومة الشعبية بولاية البيض لا يكفيه مساحة هذه الصفحات القليلة وخلال تواجدنا بالمنطقة وزيارتنا لمتحف المجاهد وقفنا على عدة وثائق وصور وملابس وأدوات تجمع في طياتها تاريخ المنطقة الحافل بالإنجازات عبر مختلف الأزمنة.
متحف المجاهد ذاكرة أبدية ومرجع تاريخي موثوق يجب الخروج به من دائرة الهيكل الجامد إلى الفضاء الحركي من خلال تنظيم ملتقيات دائمة للتذكير بتاريخ بلادنا المجيد وترسيخ عظمة الثورة التحريرية ومن قبلها المقاومة الشعبية في عقول أجيالنا الحالية بتسطير برامج مشتركة مع مسؤولي قطاع التربية الوطنية وحتى الجامعات والمعاهد العليا، برامج دورية لامناسباتية تعيد الروح لمتحف المجاهد وتنعش الذاكرة الجماعية للجزائريين وعدم زيارة هذه الأماكن إلا عند الآحتفالات الرسمية الوطنية فالمتحف فضاء مفتوح للجميع وعلى مدار السنة.